حكاية الياسمينة

إذ كان لا بد من الخيال في الحديث عن الجمال، فإن للياسمينة حكاية شرقية مترفة الألق محملة بالعمق الوجداني، فهي على ذمة الراوي صبية بدوية عشقت الصحراء كان اسمها ياسمين ، ولشدة حسنها وضياء وجهها أسدلت عليه خمارا شفافا زادها بهاء ، وأجمل من عشتار براقعها.

وفي يوم اكتمل البدر به، مر بالصحراء أمير ، فسمع وقع خلخالها الذي راقص نبض رمال الصحاري . بحث عنها حتى كاد يهلك، حتى إذا وجدها أخذ بسحر الجاذبية وأغرم ببداوة الصبية فوضع الدنيا أمام أعتابها الخضراء.

وتزيد الأسطورة أنه تزوجها وأسكنها فسيح قصوره، لكنها ضجرت الأسوار العالية فهربت إلى واحات رواء وخضرة، وعرضت وجهها للشمس فتحولت إلى زهرة برائحة شذية أخذت اسمها من اسم الصبية التي تمردت على حياة القصور المغلقة نحو امتداد البراري.

إنها دعوة لاستحضار ابتسامات حنين ترجع صدى طفولة نائية. وما زال في الصيف متسع رحب قبل أن يرمي الشتاء أنفاسه فوق سور الدار ..وإلى أن يحين رحيل الزهرات سيظل أريج الياسمينة كمفاجأة جميلة يتسلق الذاكرة.. أيام راحت ولا تعود.